
أرض مباركة يلين إليها القلب وتميل إليها النفس، أرض تصنع الرجال، ما نراهم صبيان من حولنا هم في تلك الأرض رجال.
رجال كالطيور تحلق في السماء تأبى التخلي عن الحرية لأجل بعض فُتات الخبز.. رجال أسوار وجدران وسداً منيعاً في وجه المحتل المتسلط السافك الدماء والدموع.. تتجبرون وتدعون القوة و الشجاعة وأنت أجبن الجبناء، كفوا الكفتين بينكم إن كنتم حسب زعمكم والله لن يبقى لكم من أثر وأنتم الأعلم بذلك، فتحرصون حرصاً شديداً على بقاء كفتكم في السماء وكفتهم على الأرض ورغم ذلك فهم شوكة حادة مؤلمة لا تكاد تُستحمل في حناجركم..
شوية عيال كما يسمونهم كشفوا حقيقتهم وزيف لباسهم الفضفاض، يدعون القوة والتمكن في الأرض وفي السماء وأن أيديهم تستطيع الوصول إلى حيث يريدون دون أي إعاقات وعراقيل تعيقهم، لا سقف السماء ولا رجلٌ يحمل سيفاً، ولا أحد يستطيع الوقوف أمام أسلحتهم وسلطتهم وسيطرتهم فنسوا أنهم شرذمة قليلون..
أين ما يدعون الإنسانية والمثالية وهناك من يموت جوعاً وبرداً زمهريراً وما من يوم يمر إلا ويصبح فيه يتيماً جديداً و وأسيراً جديداً وأرملة جديدة، الأسرى مدفونين أعفانٌ في سجون مقْبارية هم فيها أموات وهم أحياء يتنفسون، محرومين من أبسط حقوقهم، تسمع حسيس أصواتهم تقول “واغوثاه واغوثاه واغوثاه” وليس هم فقط بل هم وذويهم وأرضهم وما يخصنا أكثر قدسنا وأقصنا.. ويا لا الأسف ليس هناك من يقول “لبيك لبيك لبيك”..
لا تقل وما عسنا أن نفعل.. فهناك ما تفعله فأبواب الخير لها سُبل شتى لطَرْقها وهي لا تصدُّ طارقاً عن بابها.. اعمل بما هو متاح لك بعلى الأقل وأضعف الإيمان قاطع منتجاتهم فهي مصدر عُدتهم وجزءاً من قوتهم..
الأقصى ليس أقصهم وحدهم بل هي أقصنا أيضا، آهٍ ما وصلتِ إليه أيتها الأقصى أنسوا أنك كنت بوصلة المصلين فيولون وجوههم إتجاهك، فلماذا نأبى الآن أن نولي وجوهنا شطرك أنسوا أنك أولى القبلتين، ألم يسري إليك عليه الصلاة والسلام فلماذا لا نسري إليك نحن بقلوبنا و بأعمالنا..
يا من تضيق النفوس لمشهد حزنهم وآلامهم فبشراكم فقد وصل صدى صوتكم إلى بقاع العالم، ويا من تضيق النفوس لمشهد العجز والقعود فما بقي للصبر إلا صبر ساعة ويكتب تاريخ جديد يكون موعداً لعيد جديد، عيدٌ يفرح به الصغير والكبير وأهل زمانه وما بعد زمانه إن شاء الله، عيدٌ يحتفل به العالم رغم أنفه..
فاللهم زدهم عزما على عزمهم وقوة على قوتهم وعُدة على عُدتهم وإيماناً مع إيمانهم ونصراً عزيزاً وإنك ربنا لخير الناصرين..